الأنصاص القرآنية المتعلقة بالرسم
كيف يمكن إيجاد الكلمة المراد معرفة رسمها
باستقراء الأنصاص القرآنية " يتبادر إلى الذهن نقطتان أساسيتان لا بد من مراعتهما منهجيا :
ـــ بواسطة السور
1 - بعض هذه الأنصاص " تشير إلى مكان وجود الكلمات بواسطة السور القرآنية والتي عددها 114 سورة تبتدئ بسورة الفاتحة فالبقرة إلى آخر سورة الناس .
ونشيرإلى أن استعمال السور القرآنية في " الأنصاص " هي صناعة أندلسية نهج أصحابها في ذلك نهج الامام الخراز ، فالشاطبي ، فالداني .
ومعلوم أن المبتدئ يصعب عليه التعامل مع السور الطوال والمتوسطة للبحث عن الكلمة مع وجود نظائرها في نفس السورة ، ولا سيما إذا كانت خارجة عن القياس
ـــ بواسطة الاحزاب والارباع و الاثمان
2 - البعض الآخر يشير إلى مكان وجود الكلمة بواسطة ما اصطلح عليه من تقسيم القرآن إلى أحزاب وأرباع وأثمان.
من الذي جعل القرآن محزبا على الصورة التي نراها؟
كا ذلك بأمر من الحجاج بن يوسف الثقفي ( ت 95 ه ) .
فلقد كان المصحف العثماني الذي بعث به إلى الأمصار مجردا من التجزئة المصطلح عليها حاليا .
جمع الحجاج القراء والحفاظ والكتاب وقال لهم : أخبروني عن القرآن كله ، كم من حرف فيه قال : فحسبناه ، فأجمعوا على أنه 340740 حرفا . وقال : فأخبروني عن نصفه . فإذا هو إلى الفاء من " وليتلطف قالوا : وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ربع القرآن . فالأول إلى آخر سورة الأنعام . والثاني إلى " فليتلطف " . والثالث إلى فاطر والرابع إلى آخر القرآن »
وأما التحزیب والتجزئة ، فحسب الزرکشي أن ذلك كان في عهد الرسول ( ص ) ، حيث ذكر حديثا أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله ( ص ) في حياته ، كيف تحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاث ، وخمس ، وسبع ، واحدى عشرة ، وثلاث عشرة ، وحزب المفصل والظاهر أن المراد بالحزيب هنا ، هو مقدار ما ينبغي للقارئ أن يقرأ يوميا القرآن الكريم .
وذكر ابن الجوزي أجزاء القرآن الكريم وأحزابه وأرباعه وأنصافه وأثمانه . وهي منذ عصره - متبعة في مصاحفنا وقراءتنا في المعامر " والمساجد والمدارس إلى يومنا هذا .
ما هو الحذف في القرآن؟
إذا نظرنا إلى مادة " حذف " في لسان العرب لابن منظور ، نجد أن لها عدة معان
1- قطعة من طرفه ، ومنه الحجام يحذف الشعر .
2 - الاسقاط ، وفي الحديث : حذف السلام في الصلاة سنة بمعنى تخفيفه وترك الأطالة فيه
والحذف في اصطلاح الرسم القراني : تعويض الالف الناتج عن تمديد الفتحة بألف قصيرة أمام الحرف المفتوح لا تمس السطر.
مثال ذلك الرحمن " - الكتب يقابلها الثبت مثل الكتاب
ما هو الأكثر في القرآن هل المحذوفات أم الثابتات؟
والحذف في الكلمات القرآنية أعم من حذف الألف الناتج عن امتداد الفتحة فقد تمد الضمة وينتج عنها واو محذوفة في بعض الكلمات مثل " داوود " . وقد محمد الكسرة فينتج عنها ياء محذوفة مثل " الحواريين سواء في وسط الكلمة أو آخرها .
كيف تكتب الكلمات المحذوفة؟
يكتب الواو المحذوف بقلم رقیق ( شق القلم ) . كما تكتب الياء المحذوفة بنفس القلم . أما الألف المحذوف الناتج عن مد اللام المقترح فيكتب " باللام الملحق " مثل " لكن " - أولئك.
والكلمات القرآنية المرسومة على غير قياس في موضوع الحذف كثيرة ومتعددة في المصحف ، حاول العلماء ، جمعها واحصاها حتى لا يقع التلميذ في ملابسات مع مثيلاتها المرسومة على قياس الخط العربي .
محاولة تعليل الكلمات التي على غير القياس
الإمام بدر الدين الزركشي ( ت 794 ه ) حاول تعليل هذه الكلمات الخارجة عن القياس في رسمها .
فقال مثلا:
" كل ألف تكون في كلمة لمعنى له تفصيل في الوجود له اعتباران :
1 ــ اعتبار من جهة ملكوتية ، أو صفات عالية ، مما لا يدركه الحس فإن الألف تحذف في الخط علامة لذلك .
2 ــ اعتبارا من جهة ملكية حقيقية في العلم ، أو أمور سفلية ، فإن الألف تثبت ، ثم أعطي بعض الأمثلة :
الفرق بين القرآن بالثبت والكتب " بالحذف .
فالقرآن هو تفصيل الآيات التي أحكمت في الكتب .
ومن ثم " فالقرآن " أدنى إلينا في الفهم من الكتب . ولذلك ثبتت في الخط كلمة " القرآن " وحذفت في " الكتب " وهناك استثناءات في كل منهما .
تعليل حذف ألف في كلمة "قرءان"
فالقرآن " أينما وجدت بالثبت إلا في موضعين ( إنا أنزلته قرءنا عربيا ) والضمير فيها ضمير الكتب " .
تعليل ثبت الألف في كلمة "كتاب"
وكلمة " الكتب في القرآن كلها محدوفة إلا في أربعة مواضع :
01 (لكل أجل كتاب ) فإنه کتاب الآجال الذي هو أخص من الكتاب المطلق .
02 ( الا ولها کتاب علوم ) فهو کتاب اهلاك القرى .
03 واتل ما أوحي إليك من كتاب ربک ) فعندما أضيف إلى ربك ، خصص .
04 تلک ایت الكتاب وقرآن مبين ) . فجاءت كلمة " کتاب " تابعة للقرآن ،
ويسوق صاحب البرهان نماذج من هذا النوع وانطلاقا من هذا المنظور.
طريقة مبسطة أنشأها المعلمون للطلبة
يحاول بعض الفقهاء المعلمين بالمدرسة القرآنية تفسير بعض هذه الحالات التي تعترض التلميذ ويصعب معها التفريق بين كلمة واحدة ترسم بالحذف تارة وبالثبت تارة أخرى ، فاتفقوا على مجموعة من المصطلحات تشير إلى المغزى العميق للتعليل الذي يطرحه الامام الزركشي في برهائه .
كمثال على ذلك فعندما يرتبك التلميذ أمام الكلمتين " عليها سافلها " ايها بالثبت وأيهما بالحذف . يقول الفقيه " عليها معلي ، سافلها مدلي.
بلهجة مغربية دارجة بمعنی : اكتب عليها بالحذف . وسافلها بالثبت "
وامتزوار رافد كازو
بعد : الألف فوق السطر گاعد أو قاعد"
ختاما:
تعليل الامام الزرکشي رحمه الله ، تعلیل مقبول شکلا ، أما من حيث المضمون فإن کتاب الله يمتاز بالاعجاز ( قل لو اجتمعت الانس والجن على أن ياتوا بمثل هذا القرآن لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) ، ومن هنا كانت كتابته ورسمه بالطريقة التي كتب بها اعجازا أيضا .
كما أن طريقة أدائه بالمشافهة والأخذ من أفواه الرجال هو أيضا من قبيل تعجيز من يحاول قراءته من المصحف دون اتصال السند