العمل اليومي للفقيه المعلم في مدرسته

إن إدارة المسجد والمدرسة التابعة له، وتسيير التلاميذ والطلبة الوافدين من المناطق النائية، وحفظ القران ورسمه وضبطه يتطلب وعيا ويقظة وعمل مستمر للفقيه المعلم المشرف على هذه المؤسسة.

والذي يتحمل المسؤولية أمام سكان القرية أو الدوار و إذا كان الغياب المكرر والغير المبرر طعن في إخلاصه للمهنة التي يتكلف بها

الفترة الصباحية

- الاستيقاظ من النوم قبل الفجر بحوالي ساعة، فينادي النداء الأول ليأتي التلاميذ ويستيقظ الطلبة الداخلون والمقيمون بالمساجد.

- بقدوم التلاميذ يبدأ الإشراف على حفظ أسوارهم وألواحهم التي يستعدون لمحوها بعد طلوع الشمس.

- يؤذن لصلاة الفجر فيؤم المصلين و يقرأ الحزب الراتب من القران الكريم.

ينتقل إلى المعمرة ليستمع لمحفوظات الباليه وهي الجهة التي ستمحى من اللوح، كما يسمع من الذين يكتبون من محفوظات هم ما سيكتبونه على الجديدة في الألواح.

- ما هي مراحل الكتابة؟

- بعد المحو تأتي عملية تكتيب التلاميذ وهذه العملية تكون على مراحل ثلاث.

المرحلة الأولى: عملية الكتابة بواسطة الإملاء أو المحاكاة

المرحلة الثانية: عمليه تصحيح ما كتب على الألواح

المرحلة الثالثة: مرحلة تدريب التلاميذ على القراءة، فيأتي التلميذ أمام الفقيه ليقرأ معه ما كتب على اللوح، و يصحح التلميذ مقروءه بالسماع المباشر من الفقيه وهي ما يسمى بالنفدة.

يشرف على عملية حفظ ما كتب حتى يتأكد من كل التلاميذ فردا فردا،

ماذا بعد الكتابة؟

بعدها تأتي عملية تكرير الأسوار ، وهي رصيد من محفوظات التلميذ، كل حسب طاقته، فيستمع الفقيه من التلاميذ أسوارهم وخصوصا الأحزاب الخمسة الجديدة القريبة من لوحه.

قبل تسريح التلاميذ يقرا الصغار والحزب سبح جماعه وفي نهايته يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم.

النكت والمستملحات

ثم يروح الفقيه على التلاميذ بحكاية بعض النكت ينسون بها ما نالهم أثناء التعليم.

ومداعبة التلاميذ وتسليتهم بالمستملحات والنكت، من الأسس التربوية المتفق عليها، والذي يملك المبادرة الفكاهية والانتقال بالتلاميذ من جو لآخر هو الذي يملك القدرة، على امتلاك ناصية التلاميذ وجلبهم إلى المدرسة ولفت انتباههم أكثر من الذي لا يعرف إلا العنف والصرامة والعبوس .

ولم نزل نسمع من أئمتنا ومن حضرنا من في مجالس دروسهم ما يشبه ما ذكرناه من آثار السلف ، بما في ذلك من تقويه باعث الطالب على كيفيه التحصيل والقدرات والجد

الإمام المازري رحمه الله تعالى يقول: الحكايات جند من جنود الله.

ولم تكن المستملحات والنكت التي يختم بها الفقيه حصته الصباحية او المسائية بدعة، أو تطاول على حرمة الفقهاء أو تنازل عن جديتهم وجلالهم ، بل وحتى العلماء ممن تصدر للتدريس بالقرويين والمراكز التابعة لها كانوا ينهجون نفس الاختيار مع طلبتهم.

ماذا بعد انتهاء الفترة الصباحية؟

في ظرف وجيز يذهب التلاميذ ليتناولوا غذائهم بمنازلهم ثم يعودون للقيلولة بالمعمرة تحت إشراف الفقيه و تحت مسؤوليته،

فوائد القيلولة

و للقيلولة الجماعية بمحضر الفقيه المعلم دور تربوي كبير ، ذلك أن كثيرا من المحاضر تخلوا عن عادات قبيحة كانوا قد تعودوا على ممارستها في بيوتهم، مثل التبول أثناء النوم، والشهيق والانزعاج من تخيلات النوم، إلى غير ذلك .

أضف إلى ذلك أن هذه القيلولة من شأنها أن تذوب الفروق الطبقية بين التلاميذ في أنفسهم، فتجد ابن الفلاح الكبير ينام إلى جانب الخماس وابن الأرملة في حجره واحدة، وعلى أفرشة متشابهة ووسائد حجرية موحدة.

وفي القيلولة تنشيط العمل المسائي، حيث أن التلميذ الذي لا يأتي للقيلولة يعاقب من طرف الفقيه عقابين

الأول: أنه خرج عن الجماعة وخالف أوامر معلمه في الحضور مع أصدقائه وقت القيلولة.

والثاني: لأنه بالتأكيد سيغلبه النوم أثناء حفظ اللوح، ويفوت الحفظ الذي ربما يسبب له بطلان محو اللوح في يوم غد .

ذواتا افنان لحفظ القرآن