شرح منظومة الزقاق في القواعد الفقهية للشيخ الروكي
اعوذ
بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله
وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين وعلى كل من تبعهم باحسان الى
يوم الدين
اما بعد فعلى بركة الله عز وجل نفتتح لقاءاتنا
العلمية ودروسنا في القواعد الفقهية وذلك بشرح منظومة العلامة ابي الحسن ابن قاسم
الزقاق الفاسي التجوبي رحمه الله تعالى المسماة بالمنهج المنتخب الى قواعد المذهب
هذه المنظومة التي قدم فيها زبدة من القواعد
الفقهية على مذهب الامام ما لك رحمه الله تعالى وجاءت متكاملة متناسقة مفيدة في
بابها كما انها مفيدة في ابواب اخرى كثيرة فكما اننا نستفيد منها الفقه وقواعده
وفروعه فأننا نستفيد منها علوما اخرى كما نستفيد منها اللغة العربية المتينة
فلذلك هذه المنظومة منظومة المنهج المنتخب الى
قواعد المذهب هي من تأليف عالم جليل القدر رفيع المكانة العلمية كما سنرى ان شاء
الله تعالى
ونقدم بين يدي ذلك قبل الشروع في هذه المنظومة
والدخول الى ابياتها وبيان ما فيها نقدم بين يدي ذلك بمقدمة لا بد منها
نتعرف فيها على القاعدة الفقهية وحقيقتها والفرق
بينها وبين غيرها من القواعد في العلوم الاخرى
كما نتعرف فيها على انواعها وتقسيماتها ونتعرف
فيها على حجيتها وعلى اهميتها وما الى ذلك مما لا بد منه في اخذ فكرة كاملة ونظرة
كافية عن القواعد الفقهية من الناحية التصورية
لان الحكم على الشيء فرع عن
تصوره
واول ما نبدأ به في ذلك هو تعريف القاعدة وبيان
حقيقتها
تعريف القاعدة
هذا
اللفظ وهذا المصطلح القاعدة ونحن طبعا سنتحدث عن القاعدة الفقهية هذا هذه المنظومة
هي في القواعد الفقهية فلذلك اولا القاعدة وندخل بعد ذلك الى معرفة القاعدة
الفقهية
القاعدة بمعناها اللغوي هذا
اللفظ تستعمل هذه الكلمة هذا اللفظ استعمالات متعددة استعملها
العرب استعمالات كثيرة ولكن المعنى العام الذي تحوم حوله وتدور في فلكه هو الاساس
القاعدة في اللغة بمعنى الاساس اي الذي ينبني عليه غيره
وهذه هي اللغة المشهورة فيه الاساس
بفتح الهمزة
وقد يقال فيها الاساس بكسرها هي لغة اخرى
وفيها لغة ثالثة وهي لغة القصر فيقال الأسس بدون
الف
فاذا الاساس وهو المشهور لغة الفتح ويقال ايضا
الاساس على وزن ويقال اسس على وزن انس هادي كلها بمعنى واحد فالقاعدة في اللغة
العربية بمعنى الاساس اي الذي ينبني عليه غيره فهو اصل لما سواه لا ينبني هو على
غيره وانما غيره ينبني عليه
وهذا المعنى نجده في
استعمالات كثيرة
من بينها انهم يقولون قواعد البناء
والمقصود اسس هذا البناء واساطينه التي عليها
يقوم وهذا الاستعمال وهذا المعنى ورد في
القرآن الكريم
ومن لذلك قوله عز وجل واذ يرفع ابراهيم
القواعد من البيت واسماعيل
فالمراد بالقواعد هنا اسس بناء البيت بيت الله
المحرم
اسس هذا البناء وقواعده واساطينه التي عليها قام
وكذلك ايضا قوله عز وجل فاتى الله بنيانهم من
القواعد فخر عليهم السقف
اي
من الاسس بمعنى انه هدم الاساس ونسف الاساس فلما سقط الاساس ونسف وخر
ان بنى على ذلك ان ما فوقه خر وسقط لان الاصل
اذا سقط فرعه كما هي القاعدة التي سنراها ان شاء الله تعالى القاعدة تقول اذا سقط
الاصل سقط الفرع هذه قاعدة فقهية
واذا
فق قواعد البناء اي اسسه واساطينه التي عليها قام هذا البناء عليها بني هذا البناء
لو سقط الاساس ونخر ونسف واجتث فان ما فوقه لا محالة ساقط
وهذا في المحسوسات وقد
نستعمله في المعقولات في المعنويات فنقول قواعد العلم
قواعد الدين
ومن هذا القبيل قوله صلى الله عليه وسلم بني
الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة
وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع اليه سبيلا
هذه امس او هذه الامور الخمسة هذه الاركان
الخمسة هي الاساطيل وهي الاسس التي عليها يقوم الاسلام بأحكامه وتشريعاته وبقيمه
واخلاقه ومضامينه كلها.
منظومة الاسلام بناء الاسلام قائم على اسس بمعنى
ان هذا البناء لا يمكن ان يستقر ولا يمكن ان يقوم الا على اسسه فما لم تكن هذه
الاسس فلا وجود في البناء وهذه الاسس هي هذه الخمسة التي ذكرها رسول الله صلى الله
عليه وسلم
بني الاسلام على خمس
فقد تستأمن اذا هذه اللفظة القواعد بمعنى الاسس
في المعنويات والمعقولات كما تستعمل في المحسوسات وهذا هو الاصل
اذا هذا من الاستعمالات الكثيرة عند العرب
تستعمل قواعد بمعنى اسس قواعد البناء بمعنى اسس البناء
وايضا استعملوها في معان اخرى من بين لذلك اضافوها
الى الهودج فقالوا قواعد الهودج
ويقصدون بها اي بهذه القواعد قواعد الهودج طبعا
الهودج هو ذلك البيت الذي يقام من شعارين او من وبر من جلد او من ثوب او من غير
ذلك كانوا يجعلونه للنساء ويركبونه على الناقة وكانوا يستعملونه في امور كثيرة كانوا
يعني يستعملونه للمرأة التي تأتي عروسا ويستعملونه بصفة عامة للنساء حينما يعني
يرتحل بهن الى اماكن متعددة فكانوا يستعملون هذه الهوادج الهودج قالوا فيه قواعد
الهودج
فاضافوا اليه القواعد والمراد بالقواعد عندهم
عند العرب هي تلك الخشبات الاربع التي تكون في الاسفل اسفل الهودج وعليها يركب
الهودج بحيث ترسل اولا العيدان ثم يوضع ذلك الثوب او
الجلد او ما الى ذلك مما يتكون منه الهودج.
فالشاهد عندنا انهم استعملوا القواعد هنا
بمعنى الاسس فقواعد الهودج اس وهي تلك الخشبات الاربعة التي تكون اسفل لا العيد ان التي تكون الى الاعلى لا العيد انما
هي في الحقيقة للاستعانة بها لتركيب الهودج والا فالاساس المستقر عليه الهودج حتى لا يتزعزع
ولا يقتلع الاساس يقوم به او تقوم به هذه
الخشبات الاربع فهي الاسس لبناء الهودج
هذا استعمال اخر وهو لا يخرج عن المعنى معنى
الاساس
وعندنا استعمال ثالث اضافوا القواعد الى
السحاب فقالوا قواعد السحاب ويقصدون بها تلك يعني الاصول التي هي
اسفل السحاب
شبه اسفل السحاب الذي كأنه مستقر للسحاب يقف
عليه السحاب شبه ذلك بالأسس فقالوا قواعد السحاب
هذه كلها استعمالات عربية للفظة القواعد وان تعددت هذه الاستعمالات
فالمعنى العام الذي تدور حوله هو الاساس القواعد في اللغة بمعنى الاساس
وايضا في القرآن الكريم استعمال اخر غير هذه
الاستعمالات الثلاثة
وهو قوله عز وجل والقواعد من النساء
اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة
القواعد من النساء وقد فسرها العلماء بان
القواعد من النساء هن اللاتي قعدن عن الحيض والانجاب او لاتي قعدنا عن الازواج
وهذا المعنى لا يبعد علي الذي ذكرناه عن الاساس لان الاساس بصفة عامة كيفما كان
الامر فيه وحيثما ذهبنا به في هذه الاستعمالات الاساس من معانيه اللازمة له التي
لا ينفك عنها ولا تبارحه من معاني الاساس السكون والثبات
دائما حينما نقول الاساس يحضر معنا معنى معنى
السكون فالاساس دائما ساكن لا يتحرك
وثابت لا يتغير ولا يتزعزع ولا يتزحزح فالثبات
والسكون من لوازم الاساس
وهذا حاصل في القواعد من النساء لانهن اذا فسرناهن بانهن اللاتي لم يعد يحضن ولا ينجب ففي ذلك معنى السكون والثبات
وكذلك اذا قلنا بانهن قاعدن عن الازواج اي لم
يعد الازواج يعني يشتهونهن فكذلك صرن الى سكون والى ثبات
هذه بعض استعمالات اللغوية في العربية
للقواعد وكلها كما قلنا تؤول الى معنى واحد عامي كبير هو الاساس
هذا في اللغة
واما في اصطلاح الفقهاء فقد
عرفوها بتعريفات كثيرة
منهم من عرفها تعريفا عاما عرف القاعدة من حيث
هي قاعدة سواء كانت فقهية او غير ومنهم من اهتم
في التعريف بالقاعدة من حيث هي فقهية
والذين عرفوا القاعدة في الاصطلاح
لهم على كل حال الفاظ وعبارات مختلفة لكن الذي
يعنينا هو روح ذلك وخلاصته ولبه الذي يعنينا هو ما يدلنا في هذه التعريفات ويرشدنا
الى عناصر القاعدة مقومات القاعدة
الاشياء التي تكون ماهية القاعدة وحقيقتها.
هذا هو الذي يعنينا ولا
مشاحة في الاصطلاح ولا في العبارة
فلذلك بعض العلماء عرف القاعدة بانها قضية
كلية منطبقة على جميع جزئياتها
وبعضهم عوض ان يعبر عبر بالامر فقال الامر
الكلي المنطبق على جميع جزئياته وبعضهم عبر بتعبير مباشر وبتعبير هو المقصود
عندنا عبر بانها حكم كلي منطبق على جزئياته او حكم اغلبي بمراعاة ما يقع
للقاعدة كما سنرى من استثناءات حكم اغلبي
اذا فهناك من عبر عن القاعدة في تعريفه لها
بانها قضية وهناك من عبر عن ذلك بانها امر وهناك من عبر عنها في التعريف بانها حكم
والاقرب الى موضوعنا موضوع الفقه والقواعد الفقهية والاقرب الى لغة الفقهاء هو
التعبير عنها بانها حكم لان موضوع الفقه انما هو الاحكام فالفقه هو
العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من ادلتها التفصيلية موضوع
اشتغال الفقيه هو الشرعي المتعلق بالافعال واعمال المكلف
اما
الذين عبروا بالقضية فالمراد بالقضية هنا في مقامنا هذا مقام الفقه وقواعده المراد
بالقض هي الحكم ايضا وان كان التعبير يستعمله المناطق ولكنهم يريدون به هنا الحكم
فهو بمعنى القضاء والقضاء حكم وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه
اي
حكم حكم وكتب تعبير من عبر بالقضية في تعريف القاعدة بانها قضية كلية اي حكم
يقصدون بالقضية الحكم لان على حال العلماء كانوا في استعمال الألفاظ الإصطلاحية
كانوا متأثرين يعني بالعلوم كلها بما في ذلك علم المنطق
فقد يستعملون بعض الألفاظ التي هي في علم المنطق
ولكن مع ذلك هم لا يقصدون المعنى المنطقي الصرف الخالص وانما يقصدون ما ذكرناه من
الحكم
فالقضية
هنا بمعناها اللغوي بصفة عامة اي الحكم
ومن عبر بانها امر كلي منطبق على جميع
جزئياته هذا تعبير لغوي لان كلمة الامر في هذا المقام انما هو لفظ مراد به
معناه اللغوي فاذا الصق هذه الالفاظ بمقام مقام الفقه والقواعد الفقهية هو الحكم
بعض الفقهاء او بعض العلماء لان الذين عرفوا
القاعدة سواء كانوا فقهاء او في علوم اخرى
فهذا تعريف صالح لكل قائدة كانت فقهية او اصولية
او حديثية او منطقية او بلاغية او غير ذلك
بعض هؤلاء العلماء عرف القاعدة واصفا لها ان
موضوعها منطبق على جميع جزئياتها او جزئياته هو ذلك الحكم
ولكن بعض هؤلاء العلماء تحفظ في هذا الانطباق
الكلي وعبر وبالأكثر وبالمعظم
فبعضهم قال القاعدة حكم اغلبي منطبق على معظم
جزئياته فبعضهم قال الأمر الكلي المنطبق على جزئيات كثيرة كما فعل ابن السبكي
منطبق على جزئيات كثيرة ولم
يقل على جميع جزئياته
فاذا التعريفات على كل حال هي كثيرة ولكن هذه
بعضها
هذه التعريفات بعضها يجعل القاعدة يفهمنا انها
منطبقة على جميع الجزئيات انها حكم منطبق على جميع الجزئيات وبعض هذه التعريفات
يفهمنا ويعلمنا ان حكم القاعدة وموضوعها انما هو منطبق على جل الجزئيات ومعظمه واكثره فقط
وليس هناك تعارض ابدا لا
تناقض ولا تعارض في هذه التعريفات
لان سبب ذهاب بعضهم الى ان الانطباق تكون في
جميع الجزئيات وذهاب بعضهم الى ان الانطباق انما يكون في جلها وفي معظمها
سبب ذلك هو ان بعض هؤلاء العلماء عرف
القاعدة بالنظر الى اصلها
وبعض العلماء عرف القاعدة بالنظر الى حالها
وواقعها وما هي عليه
والأصل
في القاعدة الأصل النظري في القاعدة قبل ان ننظر الى تطبيقاتها وقبل ان نربط
فروعها بها و جزئياتها بها الاصل النظري اذا ان القاعدة ينبغي ان ينطبق حكمها
وموضوعها على جميع جزئياته هذا هو الاصل ولكن الواقع غير ذلك الواقع ان موضوع
القاعدة وان حكم القاعدة التي تشتمل عليه هو من حيث الواقع ومن حيث الحال التي هو
عليها لا ينطبق على جميع الجزئيات وانما ينطبق على معظمها واكثرها وجلها بمعنى ان
بعضها القليل يشذ عن ذلك الحكم ولا ينضبط به ولا يخضع له ولا يندرج فيه
23
فلذلك بعضهم راعى الأصل فعرفها بأنها حكم او امر
او ما الى ذلك منطبق على جميع الجزئيات هذا باعتبار الأصل وبعض هؤلاء العلماء حين
حينما اراد ان يعرف القاعدة نظر الى ما هي عليه لم يرجع الى الاصل انه تخلف ولم
يبقى على ما كان وانما انتقل الى غيره بشذوذ بعض الجزئيات عن الحكم اذا كثير من
العلماء عرفوا القاعدة بالنظر الى حالها وواقعها والى ما هي عليه من شذوذ بعض
الجزئيات عنها
وهذا امر كما قلنا ما من قاعدة الا وهي فيها
استثناءات حتى قالوا من القواعد عدم اضطراد القواعد
وهذه القاعدة نظرا لاهميتها ولجريانها في جميع
القواعد لها صيغ استعملوها بصيغ متعددة
استعملوها بهذه الصيغة القواعد عدم اضطراب
القواعد وبصيغة اخرى قالوا لكل قاعدة استثناء
لكل قاعدة استثناء
وطبعا هناك الفاظ اخرى قاعدة لا تضطرد القاعدة
فكن كل هذه الصيغ يدل على ان القاعدة بصفة عامة
فقهية كانت او غير فقهية الاصل فيها هو الاضطرار ولكنه يتخلف لابد ان تجد في اي
قاعدة من القواعد بعض الجزئيات خرج عنها خرج ولكن كما سنرى خروج هذه الجزئيات انما
هو لكونه جذبته قواعد اخرى فكل فرع وجدته خرج من قاعدة فاعلم انه ان درج في قاعدة
اخرى هي اقوى من الاولى
ولا يمكن ان يبقى فرعون ولا جزئية من غير ان
تدخل في قاعدة
كل الجزئيات وكل الفروع محكومة ومضبوطة بقواعدها
يعني لو اننا نظرنا الى الجزئيات من فوق ومن علو
لوجدنا ان جميع الجزئيات مضطردة في اندراجها في الكليات وفي القواعد ولكن هذا
الشذوذ انما يقع على مستوى احاد هذه القواعد اما اذا نظرنا اليها من جهة الكل
فالاضطراد حاصل باستمرار
على كل حال قلنا ان القاعدة في الاصطلاح آآ
عرفوها يعني بهذه التعريفات
المختلفة التي منها ما نظر فيه الى الاصل العالم
حينما تجده يعرف لك القاعدة بالنظر الى اصلها تجد انه يصفها بانها حكم او امر او
قضية كلية منطبقة على جميع الجزئيات يبين ان الانطباق والسريان للحكم حكم القاعدة
هو واقع على جميع الجزئيات فهذا بالنظر الى الاصل ولكن الذين عرفوها بان حكمها
انما هو منطبق على جل الجزئيات او على اكثر الجزئيات او ما الى ذلك من العبارات
المرادفة فاعلم انهم قد راعوا ما يصيب القاعدة من شذوذ بعض افرادها وبعض جزئياتها
وفروعها
ومع ذلك سواء نظرنا الى التعريفات التي استحضر
الأصل او نظرنا الى التعريفات التي راعت واقع القواعد وتطبيقاتها التي لابد ان
يكون فيها بعض الشذوذ
يشد الفرع من قاعدة ليدخل في قاعدة اخرى
مع ذلك على كل حال نحن الذي يهمنا في هذه
التعريفات ومن هذه التعريفات هو معرفة المقومات معرفة العناصر الاساس التي منها
تتكون حقيقة القاعدة وبالنظر في التعريفات فاننا نستطيع ان نستخلص منها من
التعريفات التي ذكرناها والتي نذكر نستطيع ان نستخلص هذه المقومات التي لا توجد
ماهية وحقيقتها الا منها
المقوم الاول ان يكون عندنا حكم
لا قاعدة بغير حكم
لو كان عندي شيء فيه كل العناصر الا الحكم غير
موجود
فهذه غير قاعدة يمكن ان نسميها فائدة
لابد من ان يكون عندي حكم
والامر الثاني ان يكون هذا الحكم شرعيا
والامر الثالث ان يكون كليا
والامر الرابع ان يكون ساريا ومنطبقا على كل
جزئياته او جلها
هذه اربعة مقومات اذا تحققت اذا وجدت فان
القاعدة موجودة والا فلا قاعدة اولها ان يكون عندنا حكم ولا سبيل الى الوصول اليه
الا عن طريق الاستنباط او الاجتهاد يعني لابد ان نصل الى ذلك الحكم عن طريق دليل
شرعي اذ لا موصل الى الاحكام الشرعية الا ادلتها لا يمكن ان ان ان نتوصل الى حكم
ولا يمكن ان نضع ايدينا على شيء ونقول انه حكم ثم نسبه من بعد الى الشرع لا سبيل
ذلك الا اذا كان عندنا دليل شرعي
لان الحكم بصفة عامة هو اثبات امر لامر او نفيه
عنه بواسطة
الحكم فيه حقيقته وفي ماهيته هو اما اثبات او
نفي
فمن اثبت فقد حكم
ومن نفى فقد حكم
كيفما كان المثبت وكيفما كان المنفي
اثبت اي شيء
وانا فايتة اي شيء فالإثبات حكم والنفي حكم حتى
في مجرد الأخبار لو قلت لي قام زيدون فهذا حكم لأنك اثبت القيام لزيد لم يقم زيد
كذلك نفيت عن زيد فهو حكم
فالحكم بمعناه العقلي العام هو اثبات امر لامر
او نفيه عنه بواسطة
والمراد بالواسطة عندهم اي عند العلماء هي ما
نسميه بالمرجع
مستند لأن هذا الحكم وهو اثبات او نفي لا يكون
له قوة ولا وزن ولا ثقل ولا مصداقية الا اذا كان لنا فيه سند اذا لم يستند هذا
الحكم من اثبات او نفي على سند قوي فلا قيمة له
وهذا السند القوي الذي يعطي المصداقية والشرعية
والحجية للحكم الذي هو اما اثبات او نفي هاد هاد السند المسمى بالواسطة هو على
ثلاثة اقسام كبرى اما ان يكون السند هو العقل فالحكم حينئذ عقلي كيعطيو لينا
العالم متغير وكل متغير حادث ينتج ان العالم حادث هذا حكم عقلي وقد يكون السند
والمرجع هو العادة والتجربة والمشاهدة والاختبار في حينئذ الحكم عاديا النار محرقة
الطعام مشبع حكم عادي منسوب الى العادة المقصود بها التجربة يعني الشيء الذي يفعل
اليوم وغدا وبعد غد حتى نكتسب منه تجربة تكون صالحة لان نبني عليها حكما
ثم القسم الثالث وهو الذي يعنينا ان يكون سندنا
في ذلك الحكم هو الشرع
الصلاة واجبة
الربا محرم هذه او هذا النوع الثالث وهذا القسم
الثالث هو الذي يعنينا وهو ان الاثبات او النفي سندنا فيه الشرع اذن فاول مقوم
القاعدة اول اركان القاعدة اول المكونات الاساس التي لا تستقيم القاعدة ولا تستقر
الا به او ان يكون عندنا حكم وهو الذي نتوصل اليه عن طريق دليل شرعي ثم الركن
الثاني والمقوم الثاني هو ان يكون هذا الحكم شرعيا اي مستفادا من الشرع بمعنى انه
ماخوذ من ادلة الشرع اما الأدلة النقلية واما من الأدلة الإجتهادية اما اننا
توصلنا الى الحكم عن طريق استنباطه وفهمه من النص من القرآن او من السنة بطريقة
استنباطي المعروفة المعهودة التي هي مقررة في علم في علم الأصول اصول الفقه لأن
عندنا قواعد اصولية هي اساس علم الأصول والهدف والمقصود منها هو اننا بالاستعانة
بها والاعتماد عليها نستطيع ان نعقل احكام الشريعة ونفهمها ونستخرجها من مصادرها
ومن ادلتها
فاذا اذا اعملنا هذه القواعد وتوصلنا الى الحكم
اما اننا عملنا قواعد الاستنباط وطرق الدلالات كما هو مبسوط عند علماء الاصول او
اعلنا قواعد الاجتهاد وتوصلنا الى الحكم بمعنى ان هذا الحكم الذي توصلنا اليه حكم
منصوص او حكم مجتهد فيه في ضوء النص
فصار عندنا حكم
اذا هذه ركيزة اولى
هذا مقوم اول
المقوم الثاني ان يكون هذا الحكم شرعي لأننا
حينما نتحدث عن القواعد الفقهية انما نتحدث عن يعني الأحكام الشرعية لأن موضوع
الفقه هو الأحكام الشرعية واما الأحكام العقلية والأحكام العادية فلها مقامات اخرى
ثم المقوم الثالث هو الكلية ان يكون هذا الحكم الشرعي ان يكون كليا معنى انه اي ان
هذا الحكم ليس قاصرا على الجزئية التي ورد في شأنها
يعني بمعنى اخر ليس قاصرا على جزئية واحدة ولا
خاصا بفرع واحد ولا بمسألة واحدة وانما هو متعد الى غير تلك الجزئية يشمل جزئيات
لان الحكم الشرعي حين ما نتوصل اليه عن طريق الاستنباط واعمال قواعد الدلالات او
عن طريق الاجتهاد المنضبط ايضا بقواعده وشروطه
حينما نتوصل الى الحكم فان هذا الحكم قد يكون
جزئيا وقد يكون كليا
فليس كل حكم صالح لان يكون موضوع القاعدة
انما الصالح من الاحكام لان يكون موضوع القاعدة
الفقهية هو الحكم الكلي
الى معرفة انه كلي او جزئي
السبيل هو استقراء
اي التتبع
نتتبع هذا الحكم في انطباقه على جزئياته
يتتبع هذا الحكم في سريانه على محله وعلى مورده
هل هو مربوط بفرع واحد فقط? ليس له ان يتعداه الى ما سواه فحينئذ نقول هذا حكم
جزئي او هو الدين ذلك الفرع الى نظائره من الفروع الأخرى فنقول حينئذ انه حكم كلي
فبالاستقراء والتتبع نستطيع ان نصبر الحكم وان نختبره ونبتليه ونعلم هل هو حكم كلي
اي متعد كما يشمل الجزئية التي هي مثلا التي ورد فيها النص يشمل غيرها مما قد يقع
من بعدو فإذا هذا حكم كلي اما اذا وجدناه قاصرا على فرع خاصا بجزئياته فهو حكم
جزئي
والاستقراء الذي نحتاج اليه انما هو استقراء
ناقص ليس بالضرورة ان نحتاج الى الاستقراء التام
لان الاستقراء التام يفيد القطع ونحن هنا في هذا
المقام مقام الفقه يعني ليس بالدواء يكون عندنا قطع
اذا كان عندنا القطع فحسن هذا شيء يعني في القمة
ولكن اذا لم يكن عندنا قطع فيكفينا الظن فيكفينا الظن المبني على قواعده الظن
المعتبر الظن المعتد به شرعا
واذا فالاستقراء الذي يعمله العلماء لمعرفة كلية
الحكم او جزئياته انما هو او انما يكفي فيه ان يكون استقراء ناقصا لان استقراء
ناقص يفيد الظن ومعنى استقراء الناقص اننا اذا وجدنا هذا الحكم الوارد في جزئية
معينة قد تعداها الى جزئيات اخرى ولو قلت فانه كلي يكفينا انه تعدى جزئية التي ورد
في شأنها الى ثانية وثالثة ورابعة فهذا كاف فما بالك اذا وجدناه صالحا لعشرات من
الفروع وما بالك اذا وجدناه حكما صالحا لجل فروع الشريعة او لكل فروع الشريعة لان
كلية الحكم تتفاوت فهناك الاحكام الكلية التي تسري على كل فروع الشريعة
وهناك التي تسري على جل فروع الشريعة
وهناك التي تسري على فروع كثيرة من الشريعة
وهكذا الى ان يكون الحكم ضيق النطاق بحيث لا
يسري الا على جزئيات قليلة
ومع ذلك فهو كلي مادام الحكم ليس قاصرا على
جزئية واحدة فهو كلي
واذا هذه هي الركيزة الثالثة والمقوم الثالث من
مقومات القاعدة
ان يكون هذا الحكم الشرعي ان يكون كليا
بمعنى ان يكون منطبقا على اكثر من جزئية
منطبقا على اكثر من جزئية
وقد تجدون بعض الكتب وبعض المصنفات وبعض يعني
العلماء قد يرادف بين الكلية والاضطراب فهذا من باب التوسع والا فالكلية غير
الاضطراب الكلية تقابلها الجزئية واما الاضطراب كما سنبين فيقابله الشذوذ الشذوذ
لذلك فالكلية الحكم يكون كليا اذا كانت له جزئيات افراد لا فرد واحد هذا هو شرط
الكلية حتى ولو انطبق الحكم على جزئيتين فقط لو لم يكن للحكم الا فرعان فقط لكان
كليا وسنقف ان شاء الله تعالى على ان بعض قواعد في المنهج المنتخب بعض القواعد
انما امتلوا له بفروع قليلة بفرعين او ثلاثة فهذا لا ينقص من كونه قاعدة
اذا هذا مكون مهم وهو ان الحكم الشرعي هو كلي
فاذا الطريقة والمهيأ الذي به نصل الى معرفة
الحكم ومعرفة كليته هو الاستنباط اولا اننا نستنبط الحكم ونأخذه من من من دليله ثم
بعد ذلك بعد ان يتقرر الحكم نصبره ونبتليه ونختبره باستقراء والتتبع هل له جزئيات
ام جزئية واحدة? فحينئذ اذ ينتج هذا الاستقراء طبيعة الحكم وحجمه هل هو كلي ام
جزئي? ثم عندنا عنصر رابع لابد منه ايضا وهو الاضطراب او الاغلبية بمعنى ان الحكم
الشرعي الكلي هذه العناصر الثلاثة مهمة لكنها غير كافية لابد من ان يكون هذا الحكم
الشرعي الكلي منطبقا على الجزئيات اما بالاضطرار وهذا هو الاصل
هذا هو الاصل لو تحقق هذا الاصل لكان افضل
ولكن القاعدة كما قلنا لابد ان يشد عنها بعض
فروعها
فان لم يكن في جميع الجزئيات فعلى الأقل ان يكون
عندنا سريان الحكم وانطباق هذا الحكم على جل الجزئيات
وهو ما نسميه بالأغلبية
لذلك تجدون بعض العلماء عبر بقوله حكم كلي مطرد
على جميع الجزئيات وبعضهم قال حكم اغلبي حكم اغلبي بمعنى ان الحكم قد لا ينطبق على
جميع جزئياته وانما ينطبق على معظم هذه الجزئيات فلو شد فرعون او فرعاني او فروع
معدودة يمكن ان نصفها بانها قليلة فهذا لا يصف القاعدة ولا يكر عليها بالنقد ما
زالت قاعدة اذا كان عندنا حكم مثلا من حيث الأصل النظري التجريدي كان ينبغي مثلا
ان ان ينطبق هذا الحكم على مائة فرع ولكن بالإستقراء والتتبع وجدناه منطبقا على
سبعين فرعا او على فرعا والباقي شد عنه هذا لا ينقض كونه قاعدة لان المقصود عندنا
ان يكون ما شد واستثني قليلا قليلا وكما هو المعلوم القليل في تقدير علماء
المالكية اقصاه الثلث
اقصى القليل الثلث فالثلث نهاية القليل وبداية
الكثير
فلو ان القاعدت استثني من فروعها مقدار الثلث
فانها قاعدة
نعم لو كان لها نصف داخل فيها من الفروع ونصف
خارج فهذه لست قاعدة
لابد ان تكون استثناءات اقل فلذلك التعبير بالجل
وبالمعظم بالمعظم وبالاكثر معناه ان المستثناة هو الاقل والاقل الاقل في في
الاصطلاح وحتى في اللغة ايضا الاقل هو قليل القليل الاقل هو قليل القليل هذه اذن
هي المقومات الاساس التي منها تتكون حقيقة القاعدة
وماهية القاعدة? اذا كانت عندنا هذه الاركان
وهذه الركائز وهذه فالحقيقة حقيقة القاعدة موجودة فعندنا قاعدة والا فلا والا فلا
التعريفات السابقة التي قلناها لا مساحة فيها يمكن ان نعرف بما جئنا ولكن ان
نستحضر هذه والا فانما تقدم من التعريفات انما هو تعريفات للقاعدة بوجه عام تصلح
ان تنزل على القاعدة الفقهية كما تصلح كما تصلح ان تنزل على القواعد الاخرى على
القواعد يعني الاصولية والقواعد الحديثية والمنطقية والنحوية الى اخره
ولكن هذه الاركان هي التي تعنينا فلك ان تأخذها
وتفقهها وتعقلها ثم تبني على ذلك صياغة تعريف مشتمل عليها
هناك مقومات اخرى لا يمكن ان تستوي مع هذه ولكن
يحسن اذا كانت هناك مقومات اخرى ومكونات اخرى لكنها من قبيل محسنات من قبيل
المحسنات اما هذه من قبيل الضروريات لا قاعدة الا بها لا توجد الماهية ماهية
القاعدة الا بها ولكن لو استطعنا ان نوجد المقومات التحتينية فحسن واهم هذه
المقومات التحسينية هي احكام الصياغة
ان تكون يعني آآ القاعدة قد صيغت صياغة في
عبارات وجيزة في كلمتين او في ثلاث كلمات او حتى في اربع كلمات او خمس كلمات ولكن
ليس هناك حشو لان في بعض الاحيان تجدون القاعدة مثلا تشتمل على حقيقة ويقدم لك
صاحبها بعض الفوائد في صيغة القاعدة نفسها
يعني القاعدة مع مع بعض شرحها مع بعض التمثيل
لها وكل ذلك صيغة في القاعدة
في نص القاعدة اذا هاد المحسن هذا خال حينئذ
فإذا اردنا للصيغة صيغة القاعدة ان يكون ان تكون صيغة قوية وصيغة مثالية وصيغة
عليا جيدة فيجب ان نحكم الصياغة وان نزيل الحشوة وان نزل ما ليس من عمق القاعدة
وهذا عنصر مهم من عناصر تكوين القاعدة ولكنه عنصر تحسيني تكميلي
على كل حال هذه على كل حال يعني اطلالة على
القاعدة ومعناها في اللغة والاصطلاح
وسوف نتابع ذلك ونبين ان شاء الله تعالى ان
القاعدة الفقهية تفترق عما سواها من القواعد الاخرى خصوصا الفرق بينها وبين الضابط
الفقهي وبينها من القاعدة الاصولية وبينها وبين النظرية الفقهية كل ذلك سيزيد
القاعدة توضيحا وبيانا فنكتفي الان بهذا القدر والى لقاء اخر ان شاء الله تعالى
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين