من هو الامام الهبطي صاحب الوقفي؟
ولادة الشيخ الهبطي :
كانت ولادة الشيخ أبي عبد الله الهبطي في منتصف القرن التاسع الهجري، بقرية اهباطة من قبيلة سماته، إحدى قبائل شمال المغرب، تبعد علة مدينة العرائش نحو 50 كيلومترا
دخل الكتاب على عادة أبناء البادية، فحفظ القرءان وجوده؛ ثم رحل إلى فاس، فأخذ عن علمائها ومشايخها؛
شيوخه وتلامذته:
ومن شيوخه في فاس الامام والشيخ ابن غازي، شيخه في القراءات؛ وقد أخذ عن عدد وافر من رجالات الفقه والعربية، والحديث والتفسير، وعلم القراءات، وربما كان ابن غازي آخر من أخذ عنهم من كبار شيوخ فاس،
ومن تلامذته الشيخ عبد الله محمد بن علي بن عدة الأندلسي، والشيخ عبد الواحد الونشريسي وهم جم غفير لا يكادون يحصون كثرة إذ وقفه انتشر في الاقطار بسبب تلامذته .
عاش أبو عبد الله الهبطي في العصر الوطاسي، قد جمعت فاس انذاك بين محاسن الشرق والغرب، تعج برجال الفكر، يتقاطرون عليها من كل حدب وصوب.
يقول الحسم بن ميمون « إني ما رأيت مثلها ومثل علمائها في تلمسان وبجابة، وإقليم الشام بأسره، وبلاد الحجاز ومصر». ويقول : انه ما رأى مثلها ومثل علمائها في غزراة الحفظ لنصوص المذهب ونصوص كل علم من العلوم».
الحالة العلمية في عصره:
وكانت علوم القرءان والقراءآت، تكاد تطغى على كل علم، بل كان هناك مختصون، في علوم القرآنوأبو عبد الله الهبطي منهم فقد كرس حياته لخدمة القراءن، تفهما وتعليما، فأدرك فحواه ومغزاه، وعرف أسراره وأحكامه؛ فقضى في محراب القرءان خاشعا متبتلا زمنا ليس بالقصير،
منهجه رحمه الله في الوقف:
ثم خرج للناس بمنهج جديد في الوقف،بناه رحمه الله على مقاييس محدودة، وقوانين مضبوطة، وقواعد مدروسة، ترجع في جملتها إلى الإعراب والمعنى؛ وربما كان بعضها يخضع لعلوم اللغة العربية، وبعضها لعلوم التفسير، والبعض الآخر لمدارك الفقه والتشريع، أو لوجه من وجوه القراءات، أو لأسرار وحكم أخرى، قد لا يدركها القارئ البسيط وإنما يفهمها اصحاب الاختصاص .
وقد وجهت إليه انتقادات كثيرة وارتفعت أصوات هنا وهناك؛ ولكن أبا عبد الله الهبطي، وقفشامخا منافحا لا تؤثر فيه الزوابع، ولا تنال منه العواصف؛ وظل ينافح عن مذهبه، ويناضل عنه بالحجة والبرهان؛ حتى ثبتت قواعده، وطبقت مناهجه في الحواضر والبلد، وفي كل مكان ، وأصبح مذهبه هو المذهب المعمول به في سائر جهات المغرب، بل وفي إفريقيا كلها،
السبب في حمله الناس على اتباع وقفه:
السبب الذي جعله يحمل الناس على وقفه ، هو ما كان عليه الناس من انحراف في التلاوة، وخطأ في الأداء؛ يقفون على غير ما ينبغي الوقوف عليه، ويصلون ما لا يجوز وصله؛ وربما وصلوا آية الرحمة بآية العذاب، وبالعكس؛ فيفسد المعنى، ويضيع الغرض الذي نزل من أجله هذا الكتابالكريم
وقد يضطر أحدهم إلى الوقف، فلا يدري كيف يقف؟ ولا أين؟
سيما وقد اشتهرت بين الناس في هذا العصر، وقبله لأزمان – صناعة الأرداف في القراءات، فيقفون وقوف اختلاس ويجرون الوصل مجرى الوقف، حتى أن أحدهم ليسقط سقوط المصروع بالجان.
فرأى أبو عبد الله الهبطي أن يضع لهم هذا الوقف، فحدد المواضع التي يقف فيها القارئ، وبذلك يندفع عنه التعب والحرج، وتقع له الاستراحة الداعية للوقف، ثم يستأنف القراءة مما بعد الكلمة الموقوف عليها إلى الموضع الذي يقف عليه ثانيا؛ وهكذا إلى أن يقف وقوف انقطاع، وينتهي من القراءة.